غيره، ومن زعم أنّ رمضان في الاسترسال على المعاصي وغيره سواء فلا تُكلِّموه، فقد سقطت مُخَاطَبَتُه، بل تقلّ المعاصي ويبقى منها ما بقي (?)، وذلك لثلاثة أوجه:

أحدها أنّ يكون المعنى صُفِّدت وسُلْسِلَت (?)، ويبقى ما ليس بمَارِدٍ ولا عفريتٍ، ويدلُّ على ذلك الحديثُ الآخر.

الوجه الثّاني: أنّ يكون المعنى أنّها بعد تَصْفِيدِهَا كلِّها وسلسلتها، تحمل المرء على المعاصي بالوسوسة، فإنّه ليس من شرط الوسوسة الّتي يجدها المُؤْمِن نفسه من الشّيطان الاتِّصال، بل هي بالعبد (?) صحيحة؛ فإنّ الله هو الّذي يخلُقها في قَلْبِ العبدِ عند تكلُّم الشيطان بها، كما يخلق في جسم المسحور عند تكلّم الساحر، وعند تكلُّم العائن في جسم المُعَيَّن.

الوجه الثّالث - قلنا: ليس من شرط التَّصْفِيدِ عدم الوسوسة؛ لأنّ الوسوسة لا تكون باليَدِ والرِّجْل.

فإن قيل: إذا كان هذا تأويله (?)، فلم يبق للحديث معنى.

قُلْنَا: عن هذا جوابان:

أحدهما: أنّه ليس يلزمنا معرفة معنى الحديث، ولا أنّ نُعلِّل جميع الأشياء، فإنّ أكثر الأحاديث غير معلولة (?) المعنى.

الجواب الثّاني - أنّ نقول: فائدة الحديث أنّهم منعوا الإذاية بأيديهم وأرجلهم من العمل والجنون والحُمْق وغير هذا، وهذا كتاب مقنع جدًّا، إنّ شاء الله.

الفائدةُ السابعة (?):

قوله: "ويُنَادِي مُنَادٍ" هذا المُنَادي غير مسموع للآدميِّينَ، ولكنّهم أُخْبِرُوا بذلك ليَعْلَمُوا أنّهم غير مغفولٍ عنهم ولا مَهْمُولينَ (?)، فإنّ البارئ سبحانه لا تجوز عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015