ويحتمل أنّ تكون "لا" بمعنى "لم" كقولى تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (?) وأمّا الأبد المذكور هاهنا فقد قيل: مَحْمَلُه على أنَّه يُدْخِل في صومها الأيام المنهيّ عن صومها، كالعيدين وأيّام التشريق، وهو الصّحيح. وكذلك قال علماؤنا: إنّما ذلك لمن صام فيه (?) الأيّام المنهيّ عنها. وأمّا مَنْ كان فيه رجاء لقوّة ويستوكف منه المنفعة، ففِطْره أفضل من صومه وفي مثله يقال: "لا صام من صام الأبد"؛ لأنّه يهدم الأَعْلَى بالأَدْنَى، وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله: "صوم أخي داود، فكان يصوم يومًا ويفطر يومًا" (?).
وكذلك قال لعبد الله بن عمرو بن العاصي: "صُمْ يومًا وأفطر يومًا" فقال: إنِّي أطيق أفضل من ذلك.
فقال: "لا أفضل من ذلك، ولا صامَ من صامَ الأَبَد" قالها ثلاثًا (?).
فرع غريب (?):
وقد اتَّفَقَ العلّماءُ على أنَّ من نَذَرَ صومَ الدَّهْرِ فإنّه يلزمه، ويتركَّب على هذا فرع غريب أيضًا: وهذا إذا أَفْطَرَ بعد ذلك فيه متعمِّدًا، فقال كافّة النَّاسِ: يستغفر الله ولا شيءَ عليه.
وقال ابنُ نافع وعبد الملك: عليه الكفَّارة عِوَضًا عنه (?)، وهذا ضعيفٌ؛ لأنّه (?) ليس فيه خَبَرٌ ولا لَهُ نَظير في نَظَرٍ.
المسألة الثّالثة عشرة:
قوله (?): "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتّ من شَوَّالٍ، كانَ كصيامِ الدَّهْرِ" قال الإمام: ومعنى ذلك؛ أَنَّ الحسنةَ لمّا كانت بعشر أمثالها، كان مبلغ مَا لَهُ من الحَسَنات في صومِ الشَّهر والسِّتةِ أيّام ثلاث مئة وستّون حَسَنَة، عدد أيّام السَّنَة، وكأنَّه صام سَنَة