المسألة الخامسة:

قوله: "فَأَتَى بِعَرَقِ تَمْرٍ" واختلف النّاسُ فيه، وقد فَسَّرَهُ ابن عُيَيْنَةَ، فقال: هو الزِّنْبِيل لغته العَرَق بفتح الراء، هو إذًا يقال له: المِكْتَل (?). وقيل: يقال له الزِّنبيل، وهو يحمل خمسة عشر صاعًا إلى عشرين صاعًا.

والعَرْقُ -بإسكان الراء-: العظم الّذي عليه قطعة اللّحم، والعِرْق- بإسكان الراء وكسر العين-: أحد عروق الجَسَد.

وقال مالك: يطعم لكل مسكين مُدًّا ويترك ما فوق الخمسة عشر صاعًا؛ لأنّه مشكوكٌ فيه، والإطعام عند مالك أفضل وأعمّ نَفْعًا؛ لأنّه يحتاجه جماعة لاسيَّمَا في أوقات الشَّدَائِدِ.

وأمّا العِتْق، فإنّ فيه إسقاط مَشَقَّةٍ وتكلّف نَفَقَة، والمتأخِّرونَ من أصحابنا يُرَاعون في ذلك الأوقات والبلاد، فإن كانت أوقات شِدَّةٍ فالإطعام أفضل، وإن كان وقت خَصْبٍ فالعِتْق أفضل.

والذي احتجَّ به ابن الماجِشُون في تفضيل الإطعام؛ أنّه الأمر المعمول به في الحديث، وقد أَفْتَى الفقيه أبو إبراهيم (?) مَنِ استفتاهُ في ذلك من أهل الغِنَى الواسع بالصِّيامِ، لما علم من حاله أنّه يشقّ عليه أكثر من العِتْق والإطْعَام، وأنّه أوْزَع له من انهتاك حرمة الصّوم (?)، والله أعلم.

المسألة السّادسة (?):

إذا ثبت ذلك، فالّذي يجب من العِتْقِ عتق رقبة مؤمنة، وأمّا الصّيام فصيام شهرين متتابعين، وعلى هذا جمهور العلّماء.

وقال ابن أبي ليلى (?): ليس التَّتَابُعُ بلازمٍ في ذلك.

والدّليلُ على ما نقوله: الخبر المتقدِّم، وفيه صوم شهرين متتابعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015