الشهادة من باب الإخبار.
والرُّؤْيَةُ إذا كانت فَاشِيَةً صيم بغير خلاف، وإن كان الغيم قبل فيه الشهادة (?) بغير خلاف، وإن كان الصّحو والنّظر عسير؟ فقال مالك وأبو حنيفة والشّافعيّ: لا يقبل الواحد، وقبِلَهُ أبو ثَوْر.
وأمّا الصّوم، فاتَّفَقَ هؤلاء على قَبُولِ الواحدِ فيه، إلّا مالكًا خاصّة فإنّه رَدَّه (?)، وأجاز أبو حنيفة فيه شهادة الواحد والمرأة والعبد (?).
وسبب الخلاف فيه، هل هذا من باب الإخبار، أو من باب الشّهادة؟ وما كان (?) طريقه السّماع يُقْبَل فيه الواحد، كالخَبَر عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه حَكَمَ بحُكْمٍ من الأحكام، وما كان يختصّ به بعض الأشخاص كالقول: هذا عبد هذا، وشبه ذلك، فيقبل (?) فيه اثنان.
مزبد بيان:
قال الإمام: والطّريق الثّاني لا يخلو أنّ تكون السّماء مغيمة أو مصحية، فأيّهما كان فلا يقبل فيهما إلَّا شاهدان، وبه قال الشّافعيّ في الفِطْر، وخالف في الصّوم.
ودليلنا: أنّه أحد طرفَي الشّهر، فافتقر إلى شاهِدَيْن كالطَّرف الثّاني.
وأمّا قول أبي ثَوْر: يفطر ويصام بشاهد واحدٍ لأنّه من باب الخبر.
قلنا: إنّ هذه شهادة تفتقرُ إلى العدد كسائر الشّهادات.
فإن كانت السّماء مصحية؟ فمَالِك وجمهور أصحابه والشّافعيّ على قَبُولِ عَدْلَيْنِ.
فأمّا العامّة (?)، فهو أنّ يرى الهلال الجمّ الغفير والعدد الكثير- كما تقدّم- حتّى يقع بذلك العلّم الضّروريّ، فهذا لا خلاف في وجوب الصّوم لمن رآه ولمن لم يره، فهذا يخوج عن حكم الشّهادة إلى حُكم الخبر المستفيض، وذلك مثل أنّ تكون القرية