رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بَعَثَهُ إلى اليمن: "إيًاكَ وكرائم أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المَظْلُومِ" (?).

وقوله: "نكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ": فمأخوذٌ -والله أعلم- من قول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّما تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مواشِيهِم أَطْعِمَتَهُمْ" (?)، فكأنّه قال: نكِّبُوا عن ذَاتِ الدَّرِّ، نكِّبُوا عن ذات اللَّبن، وخُذُوا الجَذَعَة والثَّنِيَّة.

وفيه فائدتان:

الفائدةُ الأولى:

فيه أنّ عمر - رحمه الله - كان شديد الإِشْفَاقِ على المسلمين، وكان كما قيل فيه: "كالطّير الحذر"، وهكذا يلزم الخلفاء أنّ يكونوا فيمن أمَّرُوهُ واستعملوه الحذر منهم والاطلاع في أعمالهم، وكان عمر - رحمه الله - إذا قيل له: لا تستعمل فلانًا، أو قيل له: ألَّا تستعمل أهل بدر، قال إذ يسهم (?) بالولاية، على أنَّه قد استعمل منهم قومًا منهم سعد ومحمد بن مسلمة.

الفائدةُ الثّانية:

رُوِيَ عن حُذَيْفَة أنّه قال لعمر: ألَّا تستعملني، إنّك لتستعمل الرَّجُل الفاجر، فقال: أستعمله لأستعين بقُوَّتِه، ثمّ أكون بعد على قَفْوِهِ، يريد اسْتَقْضِي عليه، وأعرف ما يعمل به.

الفقه في تسع مسائل:

المسألة الأولى:

فيه الدّليل على أنّ الشّاة الحافل لا تُؤخَذ إلَّا على وجهها؛ لأنّه لم يأمر بردِّها، ووعظ وحذّر ليوقف على مذهبه وينتشر ذلك عنه بتطمين نفوس الرَّعِيَّة. قال مالك (?): ولا يأخذ المصدق لَبُونًا، إلّا أنّ تكون الغَنَمُ كلُّها ذات لَبَنٍ، فيأخذ حينئذٍ لَبُونًا من وَسَطِها، ولا يأخذ حزرات النّاس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015