قلنا له: نُبْطِلُ (?) قولَكَ بقوله صلّى الله عليه: "يترَادَّانِ بالسَّوِيَّةِ"، والشُّرَكَاءُ ليس فيهما ترادٌّ ولا يُتَصَوَّر هذا بينهما؛ لأنّ الشَّريكَ إذا كان له نصفٌ وللآخر نصفٌ وأخذَ السَّاعِي فقد أخذ من كلِّ واحدٍ، فما بقي كان فيهما. وإن كان لواحدٍ ألف شاةٍ وللآخر أربعون شاة، وأتى السَّاعي فأخذَ ما أخذَ منهما، فما بَقِيَ كان بينهما، فليس هنا ترادٌّ، ولا تصحّ الخُلْطَةُ عند مالك إلَّا إذا كان عند كلِّ واحد منهما ما تجب فيه الزَّكاة (?)، وإلّا لم يكونَا خُلَطَاء.

المسألة الثّالثة (?):

إذا ثبت هذا، فالمعاني المعتبرة في الخُلْطَةِ أربعةٌ (?): الرَّاعِي، والفَحْل، والدَّلْو، والمَبِيت، فإن كان لكلِّ ماشيةٍ راعٍ، فلا يخلو أنّ يكونا يتعاونان بالنّهار في جميعها أو لا يتعاونان، فإن كانا يتعاونان بإذن أربابها فهما خُلَطَاء، وإن كانا لا يفعلان ذلك، أو يفعلانه بغير إِذنِ أَرْبَابِ الماشيةِ، فليسا بخُلَطَاء، هذا الّذي أشار إليه أصحابُنَا. ويجب أنّ يكون في ذلك زيادة، وهو أنّ يكون إِذْنُ أربابِ الأموال في التّعاون على حِفْظِها؛ لأنّ الغَنَمَ من الكَثرَةِ بحيث يحتاج إلى ذلك.

المسألة الرّابعة:

إذا ثبت هذا فنقول: من شرط الخلطة الاجتماع في الدَّلْوِ والرَّاعي والمُرَاحِ والمَيِيتِ، وفي أقلِّ من هذا وأكثر، وبالاثنين يكونا خليطين. وقال قوم: بالواحد يكونا خليطين (?)، وهي مسألة من "أصول الفقه" وهي الحكم إذا تعلَّقَ باسم فإنّه يتعلّق بأقلِّ ما يقع عليه ذلك الاسم، ويسمَّى القولُ بأقلِّ الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015