إسناده (?):
اتَّفَقَ أبو ذرّ (?) وأبو هريرة على هذا الحديث ولفظه. وظنَّ قومٌ أنّ هذا الحديث لأبي ذرّ قبلَ الهجرة، ولم تكن قبل الهجرة زكاة، فيكونُ فيها هذا الشّأن، ولا هذا الوعيد، ولا بَقِيَ أبو ذرّ مع النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إلى تفاصيل هذه الأحوال، وإنّما كان بينهما هذا في إحدى دخلاته إلى مكَّة من فَتْحٍ أو عمرة أو حَجَّةٍ.
الحديث الثّالث: وقع في: "صحيح مسلم" (?) و"البخاريّ" (?) عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "ما مِنْ صاحبِ مالٍ لا يؤدِّي زكاةَ مَالِهِ، إلَّا جُعِلَ له يوم القيامة صفائح من نار، فَيُكوَى بها جَبْهَتُه وجَنْبَاهُ وظَهْرُهُ في كلِّ يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سَنَةٍ، حتَّى يقضي الله بينَ النَّاسِ، ثمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إمّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار، وإن كانت إبلٌ بُطِحَ لها بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فجاءت أَوْفَر ما كانت، تَطَؤُهُ بأخفافِهَا وَتَعَضّهُ بأَفْواهها، كلّما مَرَّت عليه أخْرَاها رُدَّتْ عليه أولاها، حتّى يقضي اللهُ بين عِبَادِهِ، ثُمَّ يَرَى سبِيلَهُ إمَّا إلى الجنَّة وإمّا إلى النّار. وإن كانت غَنَمٌ أَمْ بَقَرٌ فمثل ذلك، إلَّا أنّه قال: "تنَطَحُهُ بِقُرُونهَا وتَطَؤُهُ بأَظْلاَفِهَا".
شرح الحديث الأوّل:
قوله: "هُمُ الأخْسَرُونَ " فيه وجهان (?):
1 - الأوّل: خسروا أموالهم.
2 - أو خسروا ثواب زكاتهم.
ولا يقال: إنّهم خسروا أنفسهم ولا أعمالهم، فإن الّذين خسروا أنفسهم هم الذين كذبوا بمايات الله، واتذين خسروا أعمالهم هم الّذين كفروا بآيات الله ربهم ولقائه.
وأمّا هذا الّذي منع زكاة بَقَرِهِ أو ماله (?)، فإنّه يكون في عذابٍ، إلّا أنّ