الفائدةُ الثّانية (?):
رَوَى عليم الكنديّ، قال: كنتُ مع عبس الغفاريّ على سَطْحٍ له، فرَأَى قومًا يتحملّون (?) من الطّاعون، فقال: يا طاعون، خذني إليك، ثلاثًا، فقال عُلَيم: لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يتَمَنَّيْنَ أحدُكُم الموتَ، فإنّه عند انقطاع عَمَلِهِ، ولا يردّ فيستعتب". فقال: إنِّي سمعتُ رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بَادِرُوا بالمَوْتِ قَبْلَ سِتٍّ: إمرةَ السُّفُهَاء، وكثرةَ الشّرطِ، وبيعَ الحكم، واستخفافَ الدّم، وقطيعةَ الرَّحم، ونشوًا يتَّخذونَ القرآن مزامير، يقدِّمون الرَّجُل ليُغَنِّيهم بالقرآن، وإن كان أقلّهم فِقْهًا" (?).
وفي قول النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ إذا أردتَ بالنَّاسِ فتنةً فاقبِضْنِي إليك غير مَفْتُونٍ" وهذا ممّا يوضِّح لك المعنى في هذا الباب، وليس به حبّ الموت، ولكن من شدَّة ما يَرَى من البَلَاءِ.
ومَرَّ عمر بن عبد العزيز بمجلس، فقال لأهله: ادْعُوا اللهَ لي بالمَوْتِ، قال: فدعوا له، فما مَرَّت عليه ثلاثة أيام حتَّى ماتَ (?).
حديث مَالِك (?)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِىِّ، عَن مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ، فَقَالَ: "مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ" قَالُوا: يَا رَسُول اللهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَمَا المُسْتَرَاحٌ مِنْهُ؟ قَالَ: "العَبْدُ الْمُؤْمِن يَسْتَرِيح مِن نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابًّ".
الإسناد:
قال الإمام: هذا الحديث يُسْنَدُ من طُرُقٍ كثيرةٍ (?)، وليس في هذا الحديث شيءٌ