والدّليل على هذا: أنّ أهل الجنازة لو شاؤوا أنّ يمسكوا النَّاسَ لم يكن لهم ذلك، فلم يعتبر بإذنهم كسائر النَّاس.

المسألة الثّالثة (?):

قال (?): ولا بأسَ بالإنصراف عنها قبل أنّ يكمل دفنها دون إذنٍ، إذا بَقِيَ معها مَنْ يتناول ذلك منها، قاله ابنُ القاسم، لعلّةٍ ولغير علَّةٍ.

وقال ابنُ أبي زَيْد (?): وذلك إذا قَامَ بها غيره.

ووجه ذلك: أنّ الفَرضَ إنّما هو في الصّلاة، وأمّا البقاء حتّى تُدْفَن فإنّما هو فضيلة، فمن أقام بها فحَسَنٌ، وينصرف إذا تَبَاعَدَ كمال الدَّفْن دون إِذْنٍ؛ لأنّه ليس في حُكمِ أَحَدٍ فيؤذن له، وقد رَوَى ابنُ شهاب عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"من شَهِدَ جَنَازَةً حتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، ومن شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ" قيل: وما القيراطان؟ قال: "مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ" (?) فجعل لشاهد فَرضِ الصّلاة (?) قيراطًا، ولشاهد فَرضِ المواراةِ قيراطين (?)، ولعلّهما تَسَاوَيَا في النّاس دون الجِنْسِ والقَدْرِ.

شرح:

قال الإمام: حديثُ أبي هريرة صحيحٌ مشهورٌ متَّفَقٌ على صِحَّتِهِ ومَتْنِهِ.

قوله (?): "قِيرَاطٌ" و "قِيرَاطَانِ" الأوّل تقدير الأعمال بتشبيه الوَزْنِ تقريبًا للأفهام، والثّاني تقديرُها بالقَصْدِ لا بالاتِّحاد، فإنّ القِيراطَ ثلاث حبّات، والدَّانق ستّ حبّات، والذَّرَّة من الإيمان تخرج صاحبها من النّار، فكيف القيراط!؟ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015