قام، فقيل له: إنّها يهوديّة، فقال: "أليست نَفسًا" (?)، وقيل: إنه تَرَكَهُ، وإنّما يؤخذ في أفعاله بالأَحْدَثِ فالأَحْدَث. وكان القيام من فعل الجاهلية، فقيل: جرى عليه حتّى تركه.
وقال علماؤنا (?): إنّما كان ذلك منه تعظيمًا للموت، ثمَّ جلسَ بعد ذلك، فكان إذا مُرَّ عليه بجنازة لم يقم إليها، فكان آخر فعله ناسخًا لأوَّلهِ، وهو تفسيرُ قول علي بقوله: "ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ".
المسألة الثّانية:
قال الإمام: والصّحيحُ عندي أنّه منسوخٌ بالجلوسِ، وللحديث الثّالث، قوله: "لَا يَجلِسُ مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةً حَتَّى تُوضَع عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ" (?) فمن قامَ إلى الجنازةِ لم يبلغه النَّسخ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم بَيَانُهُ.
المسألة الثّالثة (?):
مالك (?)؛ أنَّه بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيُّ بنِ أَبِي طَالِبِ كَانَ يَتَوَسَّدُ عَلَى الْقُبُورِ وَيَضطَجِعُ عَلَيهَا. وهو أكثر من الجُلوس الّذي تضمّنه الحديث (?) الّذي تعلّق به ابن مسعود وعَطَاء في المنع من الجلوس على القبور.
ووقع في "كتاب مسلم" (?) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "لأَنْ يَجلِسَ أَحَدُكُم عَلَى جَمرَةٍ فَتَحرِقَ ثِيَابَهُ فَتَصِلَ (?) إِلَى جِلدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنّ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ". وورد حديثٌ لا بأسَ بالجلوس على المقابر، والجمعُ بين هذين الحديثين؛ أنّ يقال: إنّ النّبىَّ صلّى الله عليه إنّما نهى عن ذلك لحاجةِ الإنسانِ، ألَّا ترى أنّ عليًّا كان يتوسَّد عليها ويجلس، وبهذا (?) التّأويل استحسن (?) مالكٌ أنّ النّهي عن الجلوس