تنبيهٌ وتأديب (?):
اعلم أنّ الله تعالى جَبَل (?) الخَلْقَ على حُبِّ الحياة وكراهية الممات (?)، فإنْ كان رُكُونًا إلى الدُّنيا وحُبًّا لها (?) وإيثارًا، فله الويل الطّويل من الغبن. وإن كان خوفًا من ذنوبه ورغبةً في صلاح يستفيده، فالبُشْرَى له من المغفرة والنّعيم، وإن كان حياءً من الله لما اقتحم من مجاهرته، فاللهُ أحقّ أنّ يستحيَى منه، قال النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: "إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه" (?).
ورُوِيَ في الصَّحيح عن عائشة رضي الله عنها زيادة حسنة في هذا الحديث، قَالَت: قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ كُلُّنَا يَكرَهُ المَوْتَ، قال لها: "لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قُبِضَتْ رُوحُهُ عَلَى بُشْرَى، أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فَأَحَبَّ اللهُ لقَاءَهُ، وَإِذَا قُبضَتْ رُوحُهُ عَلَى غَضَبٍ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، فَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ" (?).
وعلى هذا يخرجُ حديث أبي هريرة في الرَّجُلِ الّذي لم يعمل قطّ خيرًا، فقال لأهله: إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُوني، وَاذْرُوا رَمَادِي نِصْفَهُ في الْبَحْرِ، وَنصْفَهُ في الْبَرِّ الحديث (?). فإنّ هذا الرَّجُل كره الموتَ من خشيةِ اللهِ، فتلقَّاه اللهُ بمغفرته (?)، وقد تباينَ النَّاسُ في تأويل هذا الحديث؛ على ما يأتي بيانُه في موضعه إنّ شاء الله.
وقوله (?): "إِن رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - غُسِّلَ في قَمِيصٍ".
الإسناد:
قال الإمام: حديث جعفر بن محمّد؛ "أنّ رسول الله غُسِّلَ في قَمِيصٍ" صدَّرَ به