الدُّعَاءَ لأُمَّتِهِ. واجتمعت فيه ثلاثة اشياء: العِلْمُ بالتَّوحِيدِ، والعِلمُ بالقُدرَة" (?)، والنّصيحة لأُمَّتِهِ، فلا ينبغي لأحدٍ أنّ يَعدِلَ عن دُعائه، وقد اختالَ الشّيطانُ النَّاسَ في هذا المقام، فَقَيَّضَ له قوم سوءٍ يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقْتِدَاءِ بالنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وأشدّ ما في الحال أنَّهم نَسَبُوهَا إلى الأنبياء، فيقولون: دعاءُ آدم، دعاءُ نوح، دعاءُ إدريس، دعاءُ يُونُس، دعاءُ أبي بكرٍ الصِّديق، فاتَّقُوا اللهَ في أَنْفُسِكُم، ولا تشتغلوا من الحديثِ بشيءٍ إلَّا بالصَّحيحِ منه.

الفائدةُ الثّالثة (?):

في إدخال مالك هذا الحديث عن أبي الدَّرْدَاء ههنا؛ أنّ الدُّعاءَ وإن كان الأفضل فيه التَّيَمُّن (?) بدعاء (?) الأنبياء عليهم السّلام بما روي عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، والتَّبَرُّك بألفاظِهِ الفَصِيحة، فإنّه يجوزُ لكلِّ أحدٍ من العلماء أنّ يدعو بما شاءَ من غير المَأْثُورِ، ولكن لا يخرج عن التّوحيد. ألَّا ترى إلى قول أبي الدَّرْدَاء: "نَامَتِ العُيُونُ" وصَدَقَ. "وغَارَتِ النُّجُومُ، وأنت الحيُّ القَيُّومُ" وَصَدَقَ؛ لأنّه هو الحيُّ على الحقيقة، وهو الّذي لا ينام، والقيوم هو الّذي لا يحولُ ولا يزولُ. وقال أبو الوليد الباجي (?): "الحيُّ القَيُّومُ" يريد أنّه مع كونه حيًّا لا يجوز عليه النّوم، وهو مع ذلك قَيُّومٌ لا تجوز عليه الأحوال (?) ولا التَّغَيُّر ولا العَدَم" وهذا من الفصاحة البالغة في الدُّعاءِ.

تنبيه:

فإن قيل: قد كرهَ قومٌ من العلماء السجْع في الدُّعاء، لِما رُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "إياكُم والسَّجْع في الدُّعاءِ حسب أحدكم أنّ يقول: اللَّهُمَّ إنِّي أسألك الجَنَّة وما قَرَّبَ إليها من قولٍ وعَمَلٍ، وأعوذُ بِكَ من النَّارِ وما قَرَّبَ إليها من قولٍ وعَمَلٍ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015