وقال شيوخ الزُّهْد: تَرَقَّى (?) النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء من مقامٍ إلى مقامٍ، حتّى انتهى إلى المقامِ الأَشْرَفِ، قال أوَّلًا: "أعوذُ برِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ".
ثمّ قال: "وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ".
ثمَّ نظرَ فهذا به لم يستطع في تلك الحالة أنّ يُحْصِي في تلك الحالة متعلّقات الصِّفات، فقال: "وَبِكَ مِنْكَ" فَرَدَّ الأَمْرَ إلى الذَّاتِ، فَنَقَلَهُ اللهُ أيضًا من مقامات الكرامات (?) من منزلةٍ إلى أخرى، فقال: {طه} (?) يا رجل.
ثمّ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (?) {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (?) يا من تزَمَّلَ بكسائه وتَدَثَّرَ به، قم إلى عبادةِ رَبِّكَ، على معنى المَلاَطَفَةِ في الخِطَاب، وكما قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لعليّ بن أبي طالب: "قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ" (?).
ثم نَقَلَهُ إلى مرتبةٍ أُخْرَى أشرف منها فقال: {يس} (?) أي يا سيِّد (?). ولم يَثْبُت هذا بالنَّقْلِ، ولو ثبت هذا بالنَّقلِ لكان حَسَنًا.
وقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (?) فأقسم بحياته، ثم زادَهُ تشريفًا فأَقْسَمَ بغُبَارِ خَيْلِهِ، فقال: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} (?).
ومقاماته في الشَّرَفِ كثيرة (?)، وهذا أنموذج منها، وقد حقَّقَنَا ذَلك وبيَّنَّاهُ في "الكتاب الكبير"، فَلْتُنْظَر هنالك.
الحديث السّادس:
مالكٌ (?)، عن زياد بن أبي زِيَاد، عن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ الله بن كُريزٍ؛ أنَّ رسولَ