وقد أجازَ بعضُ العلماء السُّجود عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} (?) ليكون ذلك عنده على الأخبار، وعلى الأصل الّذي ذكرناهُ.

المسألة الثّانية: في معرفة وجوب السُّجود (?)

وهي مسألةٌ اختلفَ العلماءُ فيها، أعني وجوب سُجود التِّلاوة.

قال مالكٌ (?) والشّافعيّ (?) واللّيث (?) والأَوزاعى: إنّ سجود القرآن سُنَّة وليس بواجبٍ.

وقال أبو حنيفة: هو واجبٌ (?)، والأصلُ عنده في سجود التِّلاوة على الوجوب الآيات الواردة في ذلك والأحاديث، وذلك قوله: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ} الآية (?)، وقوله: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} الآية (?)، وقالوا: الّذي لا يتعلّق إلَّا بتَرْكِ الواجبِ. ولقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أُمِرَ ابنُ آدم بالسُّجودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الجَنَّة" (?) والأمرُ على الوجوبِ، وهي مسألةٌ مشكلةٌ عَوَّلَ فيها أَبو حنيفة على مُطْلَقِ الأَمْرِ، وأن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يحافظ عليها.

قال الإمام: والحُجَّةُ لنا عليهم من وجهين:

1 - أمّا قولهم (?): إنّ الذَّمَّ لا يتعلق إلّا بتَرْكِ الوَاجبِ. يقال لهم: إنّ الذَّمَّ ها هنا للكُفَّار خاصّة، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُؤْمِنُونَ} (?) و {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} الآية (?)، فعلَّقَ الذَّمَّ بتَرْكِ الجميعِ؛ لأنّهم لو سجدُوا ألفَ مرَّة بالنَّهار مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015