المسألة الثّالثة (?):
قال الشّافعيّ: الجمعُ في السَّفَر رُخصَةٌ متعلَّقةٌ بعين السَّفَر، سواءٌ ارتحلَ المسافِرُ أو أقامَ يومه في منزله، يجمع بين الصّلوات كلّها ويقصر (?)، وهذا ضعيف؛ (?) لأنّ صورةَ الجمع للمسافر إنّما وردت مع الرّحيل وجَدَّ السَّيْرِ، والرُّخَص لا يتعدَّى بها محلّها.
اعتراض في المسألة (?):
فإن قيل: قد روي في الموطّأ (?)؛ أنّ النَّبِيَّ - صلّى الله عليه وسلم - خرج فصلَّى المغربَ والعشاءَ، ولا يُعَبَّر بدَخَلَ ولا خَرَجَ إلّا عن حال المقيم، فأمّا المسافر فإنّما يقال فيه: ركبَ ونزلَ.
قلنا: هذه حكايته حال (?) وقضية عينِ، فيحتمل أنّ يكون النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - صلَّى الظّهر في آخر وقتها (?)، ثمَّ أقام العصر فصلَّى (?) في أوَّل وقتها، فيكونُ جَمْعًا من حيث الصُّورةُ لا مِن حيث المعنى، وكذلك رواهُ أشهب عن مالك كما أوردناه، وإذا احتمل هذا (?) سقط الاحتجاج (?) به.
ومذهب أشهب أنَّ الجمع بين الظُّهر والعصر في الحَضَر، وحُجَّتُهُ: أنّ معاذًا قال في كون النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في الخَيمَةِ: دخلَ وخرجَ فصلَّى المغرب. وحديثُ ابن عبّاس أيضًا (?)؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - صلَّى سَبْعًا وثمانيًا بالمدينة وهي الظُّهر والعصر، والسّبع العشاءُ والمغربُ. فهذا جمع صورة. ويحتمل أنّ يكون ذلك لِغَيمٍ، فأخَّرَ لاستبراء الوقت.