وروى مالكٌ عن رَبِيعَةَ؛ أنَ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - صلَّى خَلفَ أبي بَكرٍ بقباء (?)، وليس هذا يدفع صلاته خَلْفَ أبي بَكرِ في مَرَضِهِ، مع أنّ هذا الحديث منقطع السَّنَد، فلم يأخذ مالك (?) وأبو يوسف بأمر الرَّسُول -عليه السّلام- الأوّل أنّ يصلُّوا خَلْفَهُ قُعُودًا, ولا فعله في مَرَضِهِ الآخر، فلم يأخذ بالنّاسخ ولا بالمنسوخ في الاختلاف.

واحْتَجَّ أبو يوسف بحديث جَابِر الجعفي، عن الشَّعْبِيّ؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَؤُمُّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا" (?) وجابر قد شَهِدَ عليه غير واحدٍ بالكذِبِ في الحديث، ولو كان الحديثُ عن صادقٍ لما ردَّت الأخبار عنه في الصِّحَّة، والأخبارُ عنه في مَرَضِهِ عليه السّلام أنّه صلَّى بهم جالسًا بهذا الحديث، ولا ردّت السُّنَّة بغير السُّنَّة، ولا يثبت منقطعٌ، وإنّما اختلف العلماء قديمًا في نَسخِ صلاةِ المؤتَمَّ، ولم يختلفوا في صلاة الإمام جالسًا.

إشكال وحلّه:

قال الإمام: أَعْيَا العلماء هذا الحديث النّاسخ منه من المنسوخ، والصّحيح عندي والأظهر؛ أنَّه لا يُعْرَفُ نَسخُه، فلا حُجةَ لأحدِ في أنَّه منسوخٌ؛ لأنّ كلَّ واحدٍ منهم قد تعلَّقَ ببعض تلك الأحاديث، وقال: إنّ أبا بكر كان الإمام، لما رَوَى الأسود ابن يزيد عن عائشة؛ أنّ النّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى خَلْفَ أبي بَكرٍ في مَرَضِهِ (?). وقال قوم: بل النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - كان الإمام، لقوله: "ما كان لابن أبي قُحَافَةَ أنّ يتقدَّمَ أمَامَ رسول الله " (?). ومن العلماء من جوَّزَ أنّ يؤمَّ القاعدُ القائمَ بهذا الحديث.

قال الإمام: الّذي عندي؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - كان الإمام، لما رُوِيَ أنّ أبا بكرٍ قام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015