وقال (?): إني سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: إن الميتَ يبعثُ في ثوبَيْهِ اللذَيْنِ يموتُ فيهما" (?) وذهبتَ إِلَى أنّ الحديثَيْنِ متناقِضانِ؟ .
• وقد تَدَبَّرْتُهما فوجدتُ حديثَ ابن عباسٍ موافقًا لكتاب اللهِ جلَّ وعزَّ لأنَّ اللهَ يقولُ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (?) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} (?) وقد بَدَأَنا حفاةً عراةً غُرْلًا: أي قُلْفًا، فكذلك يعيدنا يومَ القيامةِ. وفي حديثٍ آخرَ لابنِ عباسٍ "أَوَّلُ مَنْ يُكسى إبراهيمُ" (?).
فأما الحديثُ الآخَرُ الذي يرويهِ أَبُو سَلَمَةَ عن أَبِي سعيدٍ الخدريِّ فإنه يُضَعَّفُ ببعضِ من نَقَلَهُ عن أَبِي سَلَمَةَ، فإنْ كان كذلك فليس لأحدٍ أن يُقابِلَ صحيحًا منقولًا من وجوهٍ بضعيفٍ شاذٍّ، وإنْ كان صحيحًا فله مخرجٌ حسنٌ يَسْلَمُ به الحديثانِ من التناقضِ؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ قَالَ: "إِنكم لاقو اللهِ غدًا حفاةً عراةً". وفي حديثٍ آخَرَ أَنَّهُ قالَ: "يُحْشَرُ النّاسُ يومَ القيامه حفاةً عراةً" (?). وقال أَبُو سعيدٍ: "إنَّ الميتَ يُبْعَثُ في ثوبَيْهِ اللذينِ يموتُ فيهما" فالبعثُ غيرُ الحَشْرِ وهو قَبْلَهُ. ومعنى البعثِ: الإِحياءُ بعدَ الموت، والإِيقاظُ من النَّوْمِ. قَالَ الله عزَّ وجلَّ في أصحاب الكهف: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} (?): أي أنمناهم، وقال بعدَ ذلك: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا