أبا سعيدٍ ليسَ من أصحاب الخُصومَة، وإِنّما هو إمامٌ من أَئِمَةِ المسلمينَ، ولكنْ على ما قيلَ: إنّ السِّحْرَ لا يضرُّ إلّا بإذنِ اللهِ. أَفَتَقولُ أنتَ غيرَ ذلكَ؟ قال: فسكت فلم يقل شيئًا. فقال عبيدُ اللهِ, فكأنّما كان علينا حِمْلٌ فوُضِع.

قلتَ أنت: وهذا عندي إعراضٌ عن الجواب، وقد صدقتَ في قولِكَ إنّه ليسَ جوابًا بيّنًا ولا مُقْنِعًا؟ .

• والذي عندي في قولهِ: {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} (?) أنّه من العامِ الذي أُريدَ به الخاصَ، كقولِهِ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (?) أي تُدَمِّرُ الريح كلّ شيءٍ (?). مِثْلُهُ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ} (?) أُتِيَتْهُ الملوك كذلك قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ} يُريدُ من الرِّزْقِ {إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} فأضمرَ الرزقَ، والعَرَبُ تُضْمرُ ما يَدُلُّ ظاهرُ الكلام عليه، وظاهرُ هذا الكلامِ يدلُّ على الضميرِ فيه لأنّه قال في صَدْرِ الأيةِ: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَينَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيءٍ مَوْزُونٍ} (?) يعني أَنْبَتْنا فيها من كُلِّ شَيءٍ من الأَرْزاق مُقَدَّرًا، ثم قال: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} (?) فَدَلَّ برازقينَ على أنّ المضمرَ للرزقِ في قولهِ: {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} ثم قال: وما ننزله من الخزائن إلا بقدر معلوم يُريدُ نُقَسِّمُهُ على من نرزقُهُ إياه بقَدَرٍ معلوم، أي نوسِعُ على واحد، ونُضَيِّقُ على واحد (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015