89 - سألتَ عن قَوْلِ اللهِ جلَّ وعزَّ في القُرْآنِ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (?) وقلتَ: قد جعله قولًا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا يَدُلُّ على أَنَّ القرآنَ كَلامُ اللهِ تبارَكَ وتعالى، وكلامُ اللهِ غَيرُ مَخْلوقٍ (?) , وقَوْلُ النبيِّ مَخْلوقٌ؟ .
• والذي عندي أَنّهُ كلامٌ محذوفٌ مِنْهُ، كأنَّهُ أرادَ: إنه لقول رسول كريم عن اللهِ. أي بَلَّغَهُ عَنْهُ، والمحذوفُ في كلامِ العربِ كَثيرٌ. من ذلك قولُ اللهِ عزّ وجلّ: {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} (?) [أي عاصف] (?) الريح فَحَذَفَ الرّيحَ لمّا كانَ في تَقَدُّمِ ذِكْرِ الريحِ دليلٌ على ذلك.
وقَوْلُهُ: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} (?) أراد تقيكم الحَرَّ والبَرْدَ، فَحَذَفَ البَرْدَ لأَنَّ ما (?) ... وفي الحَرّ، وفي البَرْدِ. وكذلك قولُهُ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} لمّا كان في رسولٍ دَليلٌ على مُرْسَلٍ جازَ أن يُضْمِرَهُ، ولو كان الاسمُ العلمُ لم يَجُزْ مَعَهُ الإِضمارُ. لو قال قائل: هذا كتابُ زيدٍ لم يجز أن يكونَ أرادَ (هذا كتابُ زيدٍ عن فلانٍ) لأَنَّهُ ليس في ظاهرِ الكلام دَليلٌ على المحذوف، فإنْ قال: هذا كتابُ وكيلٍ جازَ أنْ يُضْمِرَ عن فلانٍ لأَنَّ في وكيلٍ دليلًا على مُوْكِلٍ، كما أن في رسولٍ دليلًا على مُرْسِلٍ (?).