75 - سألتَ عن قولِ اللهِ جل وعزَّ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (?) وقلت ليس في هذا الكلام فائدةٌ وإنَّما هو بمنزلةِ قولِكَ في الكلام: يا فلانُ كُلْ هذا الطعامَ وإنْ لم تفعلْ فما أكلْتَهُ؟ .
• والذي عندي في هذا أن فيه مُضْمَرًا يبينه ما بعده، وهو أن رسولَ الله كان يَتَوَقَّى بعضَ التَّوَقِّي، ويَسْتَخْفي ببعضِ ما يُؤْمَرُ به على نحوِ ما كان عليه قبلَ الهجرة، فلمّا فَتَحَ الله عليه مَكَّةَ، وأفْشَى الإسلامُ أَمرَهُ أن يُبَلَّغَ ما أُرْسِلَ به مُجاهرًا بِهِ غيرَ مُتَوَقٍ ولا هائبٍ ولا مُتَألِّفٍ. وقيل له: إِنْ أنتَ لم تفعَلْ ذلك على هذا الوَجْهِ لم تكنْ مُبَلِّغًا لرَسالاتِ ربِّكَ. ويَشْهَدُ لِهذا قولُهُ بَعْدُ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (?) أي يَمْنَعُكَ منهُمْ. ومثلُ هذه الآيةِ قَوْلُهُ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (?).