قالوا: العربُ تجعلُ ما بعدَ القولِ مرفوعًا على الحكايَةِ فتقولُ: قُلْتُ: عبدُ اللهِ ذاهبٌ، وقلت: إنك قائمٌ. هذا في جميع القولِ إلا في "أتقولُ" وحدَها مع حرف الاستفهام، فإنهم يُنْزِلونَها منزلةَ "أَتظُنُّ" فيقولونَ: أتقول أنك خارج؟ ومتى تقولُ أن عبدَ الله منطلقٌ؟ (?) وأنشد:
أمّا الرحيلُ فدونَ بعدِ غدٍ ... فمتى تقولُ الدارَ تجمعنا (?)
بنصبِ الدارِ كأنّهُ قالَ: فمتى تظن الدارَ تجمعنا. وهذا مذهبُ أكثرِ العربِ فيما جاءَ بعدَ القولِ.
قالوا: ومن العربِ قَوْمٌ ينصبونَ ما جاءَ بعدَ القولِ على أيِّ وَجْهٍ كان فيقولون: قلت: إِنّك ذاهبٌ، وقلت: عبد اللهِ منطلقًا (?)، وهم بنو سُلَيمٍ (?)، فإذا قرأ قارِيءٌ: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} (?) بنصب أنّا على مذهب هؤلاء في نصب ما جاءَ بعدَ القَوْلِ بإيقاعِ القولِ عليهِ كما تُوْقِعُ الظَّنَّ جعلَ النَّبِيَّ محزونًا لقَولهِمْ: أنّ الله يَعْلَمُ السِّرَّ، والعَلانِيَةَ، ما يُسِرُّون، وما يُعْلِنُونَ، ومن حُزْنِهِ قولُ القائلِ: أن الله يَعْلَمُ السِّرَّ، والعلانيةَ، فهو كمن حَزِنَهُ قَوْلُ آخَرَ أن الله واحِدٌ، وأنّ اللهَ لا شريكَ له، ولا نِدَّ، فكيف يجوز أن يقولَ اللهُ