° ثم قلتَ في قولِ ابنِ عبّاسٍ: "كلَّ القرآنِ أعْلَمُ إلّا أربعًا" (?) أرادَ أعْرِفُ كلَّ القرآنِ ما خلا المتشابهَ إلَّا هذه الأربعة، ومثّلتَ ذلك برجلٍ دفعَ إلى رجلٍ رسالةً، وقالَ: أعْجَمْ لي جميعَ حُروفِها، فقالَ: قد أعْجَمْتُها كُلَّها، فالعِلْمُ مُحيطٌ بأنَّهُ إنّما أعْجَمَ منها ما يَقَعُ عليه الإعْجامُ دونَ ما لا يُعْجَمُ، فأنت تَعْلَمُ أنّهُ غَيرُ كاذبِ في قولِهِ: أعْجَمْتُها كُلَّها، ومُسْتَيقِنٌ أنّهُ قد تَرَكَ من حروفِها ما لا يُعْجَمُ كذَلك قولُ ابنِ عبّاسٍ؟ .

• الجوابُ: والذي مَثَّلتَ بهِ المتشابهَ من الإعْجام لا يُشْبِهُهُ؛ لأنَّ ما لا يُعْجَمُ من حروفِ المُعْجَمِ يَعْلَمُ الناسُ جمَيعًا من غيرِ اختَلافٍ أنه لا إعجامِ له، والناس جميعًا عالمون أن المتشابه يُعْلَمُ إلَّا أنَّ بَعْضَهُمْ قالَ: يَعْلَمُهُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ وحده، وقال قوم: يعلمه الله، والنبيّ، والروح الأمين صلى الله عليهما الذي نزل به، وقال قوم: يعلمه الله، ورسوله، وجبريل، والراسخون في العلم. فكيف تُشَبِّهُ شيئًا له تأويلٌ على كُلِّ حالٍ بشَيءٍ لا إعجامَ لَهُ على كُلِّ حال (?) ... هذينِ هذا المتشابِهُ الذي لا يعلَمُهُ إلا اللهُ ألَا وَقَفْتَنَا مِنْهُ على حرفٍ واحدٍ، أو خَبَّرْتَنَا عنِ واحدٍ من الأئمةِ أنّهُ قال في شَيءٍ من القرآنِ إنهُ متشابِة لا يَعْلَمُهُ إلا اللهُ وحدَهُ وإنَّهُ لا يَعْلَمُهُ النَّبِيُّ، ولا جِبْريلُ صلى اللهُ عليهما، ولا الراسخونَ في العِلْمِ. وما مَعْنى تَعْليمِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عليًّا التَّفسيرَ (?)؟ أعَلَّمَهُ المُحْكَمَ الذي لا يَعْلَمُهُ غَيرُهُ؟ وما معنى دُعائِهِ لابنِ عبّاسٍ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأويلَ" (?) أكانَ دعاؤُهُ يُعَلِّمُهُ الظّاهِرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015