ثم ذكرَ المسافرَ فقال: {أَو لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} حَسُنَ التكرارُ؛ لأنَّ الأوّلَ يكونُ للمقيم، والثاني يكونُ للمسانر. ولو كان للحاضر أن يتيمم بهذه لكان وجهُ الكلامِ أن يقولَ: وإن كنتم جنبًا فاطّهروا وإن كنتم مرضى أو مسافرين ولم تجدوا ماء من غير إعادة لذكر الجنابة بملامسة النساء. و "أَو" في قولِهِ: {أَو جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} في معنى الواو (?) وكأَنّهُ قالَ: "وإن كنتم على سفر وجاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا" يَدُلّكَ على ذلك أنّ السفرَ ليس بموجبٍ للوضوء، وللغسل، وإِنّما يُوجِبُهُما الحَدَثُ، والجنابَةُ. و "أوْ" تقام مُقامَ واوِ النَّسَقِ كثيرًا، من ذاك قولُ اللهِ جلَّ وعزَّ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَو يَزِيدُونَ} (?) هي بمعنى قوله: ويزيدون، وكذلك {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَو هُوَ أَقْرَبُ} (?) قال الشاعر (?):
أثعلبةَ الفوارسَ أو رياحًا ... عدلتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا (?)
أراد ثعلبة أو رياحًا عدلتَ بهم هذين.