سيبويه حتى فهمه، وبرع في النحو.
وأقبل على التفسير إقبالاً كليًّا حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ما بلغ ابن بضع عشرة، فانبهر الفضلاء من فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه.
ونشأ في تصوُّنٍ تامٍّ، وعفافٍ / وتألهٍ وتعبدٍ، واقتصادٍ في الملبس والمأكل.
وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره فيتكلم ويُناظر ويُفحم الكبار، ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم؛ فأفتى وله تسع عشرة سنة، بل أقل، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت، وأكبَّ على الاشتغال.
ومات والده - وكان من كبار الحنابلة وأئمتهم - فدرَّس بعده بوظائفه وله إحدى وعشرون سنة، واشتهر أمره [و] بَعُدَ صيته في العالم، وأخذ في تفسير