مسألة
(صَفَر) بين الصرف والمنع
في قول ابن عباس - رضي الله عنه -: "ويجعلون المحرمَ صَفَرًا" (?).
قال ابن الملقن:
"وقوله: (صفرَ) كذا هو بغير ألف، كذا هنا في أصلٍ بخط الدِّمياطي، وفي مسلم، والصواب (صفرًا)؛ لأنه مصروف قطعًا، وفي "المحكم": كان أبو عبيدة لا يصرفُه، فقيل له: لم لا تصرفه؟ لأن النحويين قد أجمعوا على صرفه، وقالوا: لا يَمنعُ الحرفَ من الصرف إلا علتان، فأخبِرْنا بالعلتين فيه، فقال: نعم، هما: (المعرفةُ والساعةُ)، قال المطرِّز: يرى أن الأزمنة كلَّها ساعاتٌ، والساعاتُ مؤنثة" (?).
بيان المسألة:
ذكر ابن الملقن أن (صفرًا) مصروف، ولا وجه لمنعه من الصرف، وبيان ذلك فيما يلي:
لـ (صفر) في هذا الحديث روايتان، الصرفُ (?)، ومنعُ الصرف (?)، أما كونُه مصروفًا فهذا لا خلاف فيه، كما سيأتي.
وأما منعُه من الصرف فلِعلَّة (المعرفة والساعة)؛ كما ذكر أبو عبيدة فيما نقله صاحب (المحكم) (?).
لكن ذلك لا يصحُّ لوجهين:
1 - أن في الحديث إشارةً إلى النسيئة المحرمة؛ وهي: إحلال شهرٍ محرمٍ، وتحريم شهر حلال، وبهذا لا يُعد الشهرُ معرفةً؛ لأن التقديم والتأخير في التحليل والتحريم مبنيّ على إرادتهم للقتال -كما ذكر ذلك شراح الحديث- فيكون الشهرُ هنا نكرة، بخلاف لو تم إضافته.