مسألة
وجه النصب في: (يا ليتني فيها جَذَعًا)
في قول ورقةَ بنِ نوفل: " ... يا ليتني فيها جذعًا ... " (?).
قال ابن الملقن:
"قوله: (جَذَعًا) هكذا الروايةُ المشهورة هنا وفي (صحيح مسلم)؛ بالنصب، ووقع للأصيلي هنا وابنِ ماهان في (صحيح مسلم): (جَذَعٌ)؛ بالرفع، فعلى الرفع لا إشكال، وفي النصب اختلفوا في وجهه على ثلاثة أوجُه:
أحدها: نصبُه على أنه خبر (كان) المقدرةِ، تقديرُه: ليتني أكونُ جذعًا، قاله الخطَّابي والمازَري وابنُ الجوزي في مُشكِله، وهي تجيءُ على مذهب الكوفيين، كما قالوا في قوله تعالى: {انتَهُوا خَيْرًا لَّكُم} (?)؛ أي: يكُنِ الانتهاءُ خيرًا لكم، ومذهبُ البصريين أن (خيرًا) في الآية منصوبٌ بفعل مضمر يدلُّ عليه (انتهوا)، تقديره: انتهوا وافعلوا خيرًا لكم. وقال الفراءُ: انتهوا انتهاءً خيرًا لكم، وضُعِّفَ هذا الوجهُ بأنَّ (كان) الناصبةَ لا تُضمَر إلا إذا كان في الكلام لفظٌ ظاهرٌ يقتضيها؛ كقولهم: (إنْ خيرًا فخيرٌ).
ثانيها: أنه منصوبٌ على الحال، وخبر (ليت) قوله: (فيها)، والتقديرُ: ليتني كائنٌ فيها -أي: مدة الحياة- في هذا الحال شَبِيبةً وصحةً وقوةً لنصرتك، إذ قد كان أسَنَّ وعمِي عند هذا القول، ورجَّح هذا القاضي عياضٌ، وقال: إنه الظاهرُ، وقال النووي: إنه الصحيحُ الذي اختاره المحققون.
ثالثُها: أن تكون (ليت) عمِلت عملَ (تمنَّيت) فنصبت اسمين كما قال الكوفيون؛ وأنشدوا:
يا ليتَ أيامَ الصِّبا رواجِعَا" (?).
بيان المسألة: