مسألة
احتمال المضارع والأمر في الفعل
في قول أبي طلحةَ - رضي الله عنه -: "أفعلُ يا رسولَ اللَّه"، فقال أنسُ بنُ مالكٍ - رضي الله عنه -: "فقسَمها أبو طلحة ... " (?).
قال ابن الملقن:
"وقوله: (أفعَلُ يا رسول الله)، هو فعل مستقبَلٌ مرفوع، وقال الداوُدي: يحتمل أن (افْعل أنت ذاك، قد أمضيتُه على ما قلتَ)، فجعله أمرًا، والأولُ أَولى؛ لقوله: فقسَمها أبو طلحة" (?).
بيان المسألة:
ذكر ابنُ الملقن رأيَ مَن قال: إن أبا طلحة هو مَن قام بالقسمة، وقدَّمه على رأيِ من قال: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو مَن قام بالقسمة، وبيانُ ذلك فيما يلي:
الفعل (أفعلُ) إن كانت همزته همزة قطع مفتوحة فهو فعلٌ مضارعٌ مرفوع، وفاعلُه أبو طلحة؛ لقول أنس بن مالك: فقَسَمها أبو طلحة.
أما إن جُعل الفعل فعلَ أمرٍ (افعَلْ) فسيكون المقصود المخاطب؛ وهو: رسول الله عليه الصلاة السلام؛ وذاك لمَّا قال أبو طلحة: فَضَعْها يا رسول الله حيث شئت، ويؤيدُه ما ذكره إسماعيلُ بن إسحاق في كتابه المبسوط عن القُتَبي: فقَسَمها رسول الله. (?).
هذا ويمكنُ القول بأن الفعل فعل مضارع، والفاعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسياقُ باقٍ على: فقَسَمها أبو طلحة، وذلك كما يلي:
1 - قياسًا على اسم الآلة، وذلك لمَّا وافق أبو طلحة على قِسمتِها بما يراه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جاز إطلاقُ الفعل عليه، فمثلًا (المِحلَب) اسمٌ لما يُحلب به، والحقيقة أنه لما يُحلب فيه، لكن لمَّا كان يُستعان به في الحلب جاز إطلاقُ اسم الآلة عليه (?).