فأُجيب عن هذا اللغز:

نعم هي (كادَ المرءُ أن يَرِدَ الحِمَى) ... فتأتي بإثباتٍ بنَفْيِ وُرود

وفي عكسِها (ما كاد أن يردَ الحِمَى) ... فخُذْ نظمَها فالعلمُ غيرُ بعيد

أمَّا حجةُ مَن يرى أن نفيها نفيٌ وإيجابَها إيجابٌ؛ فهي: أن (كاد) تعني: المقاربةَ، فتقول: (كاد زيدٌ يبكي)؛ أي: قاربَ البكاء، فالمقاربةُ ثابتةٌ والبكاءُ مُنتفٍ. وإن قلت (لم يكدْ زيدٌ يبكي)، فمقاربةُ البكاء منتفيةٌ ونفسُ البكاء مُنتفٍ (?). ففي كلا القولين انتفاءُ البكاء، مع إثبات كاد ونفيها.

ويدلُّ على ذلك قولُ ذي الرُّمَّة:

إذا غَيَّرَ النَأْيُ المُحِبِّين لم يَكَدْ ... رَسِيسُ الهوى مِن حُبِّ ميَّةَ يَبرَحُ (?)

أي: أن حب مية لم يُقاربِ الزوالَ أو التبدُّلَ.

أما تخريج الآية: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (?)؛ فهو: أن النفيَ إعلامٌ ببُعدِ وقوع الذبح، والكلامُ متضمِّنٌ زمنين مختلفين (?).

واعتُرض على ذلك: بأن (كاد) ليست للمقاربة؛ إذ إن نفيَ الفعل يناقضُ وقوعَه، فلو كانت للمقاربة للزِم التناقضُ (?).

والجوابُ عن ذلك في مثل هذه الآية: بأن النفي هو في اللفظ، والإثبات في المعنى؛ لأن الفعل قد وقَع (?)، ومثلُ ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (كاد الفقرُ أن يكونَ كفرًا) (?)، فالإثباتُ في اللفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015