لإجماع المسلمين قبلهم، ولنصوص رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فإنه قد ثبت بالسنة المستفيضة واتفاق الأئمة قبل هؤلاء: أنه إذا زوج البكر أخوها أو عمها، فإنه يستأذنها، وإذنها صماتها.

وأما المفهوم: فالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فرَّق بين البكر والثيب، كما قال في الحديث الآخر: "لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر"، فذكر في هذه لفظ الإذن، وفي هذه لفظ [الأمر] (?)، وجعل إذن هذه: الصمات، كما أن إذن تلك: النطق.

فهذان هما الفرقان اللذان فرَّق بهما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين البكر والثيب، لم يفرق بينهما في الإجبار وعدم الإجبار، وذلك لأن البكر لما كانت تستحي أن تتكلم في أمر نكاحها لم تخطب إلى نفسها، بل تخطب إلى وليها، ووليها يستأذنها، فتأذن له، لا تأمره ابتداء، بل تأذن له إذا استأذنها، وإذنها صماتها.

وأما الثيب فقد زال عنها حياء [البكر] (?) فتتكلم بالنكاح، فتخطب إلى نفسها، وتأمر الولي أن يزوجها، فهي آمرة له، وعليه أن يطيعها، فيزوجها من الكفء إذا أمرته بذلك، فالولي مأمور من جهة الثيب، ومستأذن للبكر، فهذا هو الذي دل عليه كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما تزويجها مع كراهتها للنكاح، فهذا مخالف [للأصول] (?) و [المعقول] (?)، والله لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها، ولا على طعام أو شراب أو لباس لا تريده، فكيف يكرهها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015