(فصل)
وأما بيع المغروس في الأرض الذي يظهر ورقه: كاللفت والجزر والقلقاس، والفجل والثوم، والبصل، وشِبْهِ ذلك ففيه قولان للعلماء: أحدهما: أنه لا يجوز، كما هو المشهور عند أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما، قالوا: لأن هذه أعيان [غائبة] (?) لم تر، ولم توصف، فلا يجوز بيعها، كغيرها من الأعيان الغائبة، وذلك داخل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر.
والثاني: أن بيع ذلك جائز، كما يقوله من يقوله من أصحاب مالك وغيره، وهو قول في مذهب أحمد وغيره، وهذا القول هو الصواب لوجوه:
منها: أن هذا ليس من الغرر، بل أهل الخبرة يستدلون بما يظهر من الورق على المغيب في الأرض، كما يستدلون بما يظهر في العقار من ظواهره على بواطنه، وكما يستدلون بما يظهر من الحيوان على بواطنه، ومن سأل أهل الخبرة أخبروه بذلك، والمرجع في ذلك إليهم.
الثاني: أن العلم في المبيع يشترط في كل شيء بحسبه، فما ظهر بعضه وخفي بعضه، وكان في إظهار باطنه مشقة وحرج، اكتفي بظاهره كالعقار، فإنه لا يشترط رؤية أساسه ودواخل الحيطان، وكذلك الحيوان. وأمثال ذلك.