وطهارة وتقى، هكذا شهد له كل من اعتنى بتاريخه من معاصريه وتلاميذه. وأخذ العلم من كبار مشايخ عصره. عَني بالتفسير، وبالحديث، وسمع الكتب الستة، و"المسند" للإمام أحمد ومعاجم الطبراني، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء. وأخذ الفقه وأصوله عن والده وغيره من المشايخ، وبرع فيهما وأحكم الفرائض ونظر في الكلام والفلسفة وبرز في ذلك كله على أهله.

ولم يطرق بابًا من أبواب العلم إلا وقد فتحه الله له على مصراعيه. حتى قال فيه أحد معاصريه: قد ألان الله له العلوم كما ألان لداود الحديد، كان إذا سُئل عن فن من العلم، ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدًا لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من جميع الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك. ولا يعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع منه، ولا تكلم في علم من العلوم، سواء أكان من علوم الشرع أم من غيرها، إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه، وكان له اليد الطُوْلَى في حسن التصنيف.

وقد درس -رحمه الله- جميع المذاهب والآراء في العقدية المنتشرة في عصره فدرس مذهب الأشاعرة ودرس الفلسفة والمنطق وآثارهما السيئة على الإسلام وعقيدته. وكان شديد الحرص على معرفة آراء الصحابة واتجاهاتهم الفقهية.

وعلى ضوء هذه الدراسة العميقة للكتاب والسُنَّة وبهذا الحرص الشديد على الوصول إلى الحق وبعقله الكبير تأهل رحمه الله لِما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015