الصفات حرَّم هذا وأحل هذا؛ وإذا كان هذا الخبث وقع منه قطرة

كقطرة دم أو قطرة خمر، وقد استحالت، واللبن باقٍ على صفته، والزيت باقٍ على صفته، لم يكن لتحريم ذلك وجه، فإن تلك قد استهلكت واستحالت ولم يبقَ لها حقيقة يترتب عليها شيء من أحكام الدم والخمر.

وإنما كانت أولى بالطهارة من الماء لأن الشارع رخَّص في إراقة الماء وإتلافه، حيث لم يُرخص في إتلاف المائعات، كالاستنجاء فإنه يستنجي بالماء دون هذه، وكذلك إزالة سائر النجاسات بالماء.

وأما استعمال المائعات في ذلك فلا يصح سواء قيل: تزول النجاسة أو لا تزول، ولهذا قال من قال من العلماء: إن الماء يُراق إذا وَلَغَ فيه الكلب، ولا تراق آنية الطعام والشراب.

وأيضًا، فإن الماء أسرع تغيرًا بالنجاسة من الملح؛ والنجاسة أشد استحالة في غير الماء منها في المائعات؛ فالمائعات أبعد عن قبول التنجيس حسًّا وشرعًا من الماء، فحيث لا ينجس الماء فالمائعات أولى أن لا تنجس.

وأيضًا، فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه سُئِل عن فأرة وقعت في سمن، فقال: "ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم" (?)، فأجابهم النبي - صلى الله عليه وسلم - جوابًا عامًا مطلقًا بأن يلقوها وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015