فيمن جعلها اسمًا واحدًا. فإن قلت: فقد اتفقت الحركتان، وصارت في حالتين مختلفتين على صورة واحدة. وهذا مما يكون في المبنى. ألا تراهم قالوا: جئت من قبل وقبل ونحو ذلك. فإنَّ إتفاق الصور في هذه الأشياء لا يدل على البناء. ألا ترى أن صورتى الرفع والجر في باب القاضي والغازي متفقان وهو مع ذلك معرب. وكذلك باب المثنى والمعلى في الأحوال الثلاث على صورة واحدة، وهو مع ذلك معرب. فليس إتفاق الصور مما يوجب البناء في الكلم المبنية، وإنما الموجب ما ذكرت لك من مشابهة الحرف.

فأما موافقة الجر النصب هنا فهو كموافقة النصب الجرّ في التثنية، والجمع الذي على حدها. فلو جاز أن يكون الإسم غير المنصرف مبنيًا في هذه الحال، لكانت التثنية والجمع كذلك أيضًا، فليس هذا الإتفاق للبناء وإنما هو لإجتماع النصب، والجر في كونهما فضلتين وكاملتين بعد استعمال الجملة المتضمنة للفعل أو معنى الفعل بجزئيها اللذين هما الحدث - والمحدث عنه، ومن ثم اتفقا أيضًا في باب الضمير.

والأفعال على ضربين: معرب، ومبني. فالمعرب منها بالحركات الظاهرة هي الأفعال المضارعة، وهي التي تلحق أوائلها زيادة من إحدى هذه الزيادات، الأربع، وهي الهمزة والنون، والتاء، والياء وذلك قولك: أفعل أنا، ونفعل نحن وتفعل أنت، وهي في المؤنث الغائب، ويفعل هو. فهذه الأفعال هي الأفعال المعربة، وإنما أعربت بجملة الإعراب لمشابهتها الإسم، وخصَّ كلّ ضرب من الإعراب بعامل عمل فيه ذلك. فعامل الرفع غير عامل النصب، والجزم، كما أنَّ كل عامل من الناصب والجازم غير الآخر، فإعراب هذا الضرب من الفعل، الرفع والنصب، والجزم، ولا جرّ فيه كما كان في الإسم، وإنما إمتنع الجر فيه لأنه لا يكون إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015