وأرأيتكم. والتاء هي ضمير الفاعل مفردة في جميع الأحوال (وإن) كان المخاطب واحدا مذكرا، أو مؤنثا، أو مجموعا، والقياس لا يمنع تثنية ذلك وجمعه، كما لم يمنع من ماضي (يدع) و (يذر) إلا أن الاستعمال لم يأت في ذلك، واستغنوا بما اتصل من حرف الخطاب بعلامة الضمير على أن يثنى ويجمع. وقد وجد كذلك أمثل في كلامهم كقوله: " ... ذلك أدنى ألا تعولوا فجعل الخطاب للواحد من الجماعة فهذا مثل (أرأيتكم) في المعنى، وفي التنزيل: "قل أرأيتم أن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ... ". ولو قلت في نظيره في التثنية والجمع وتأنيث المؤنث، لكان مقيسا مستعملا.

فأما الكاف في (أرأيتك) و (أرأيتكم)، فقد اختلف فيها. فقال أصحابنا: إنها لا موضع لها من الإعراب. وقال بعضهم، موضعها (نصب)، وقال آخرون: موضعها (رفع). ولا يخلو القول فيها من أن يكون على أحد هذه الوجوه. فالذي يفسد قول من قال: إنها رفع أن التاء هي الفاعلة، وموضعها رفع، كما أنها في قولك: علمتك خارجا. ونحو ذلك في موضع رفع فيمتنع إذاً أن تكون الكاف مرفوعة لإستحالة كون فاعلين لفعل واحد في كلامهم على غير وجه الإشتراك. ألا ترى أنَّ الآخر يغير حرف العطف، فهذا القول بعيد جدًا، ويدلك على إمتناع الكاف من أن يكون في موضع (نصب) أنها لو كانت في موضع (نص) أو أنها المفعول الأول من المفعولين اللذين يقتضيهما (رأيت) - والمفعول الأول في المعنى هو المفعول الثاني - (لكانت بمعنى الغائب).

فأنت إذا قلت: أرأيتك زيدا هذا الذي أكرمته؟. لا يصح استعماله أن يكون المخاطب غائبًا، فما يكون إذن المفعول الأول، فإذا لم يكن إياه، علمت أنه لا موضع - هو - أن زيدا في موضع المفعول الثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015