ذكر أنّ الْكُوفِيّين قَالُوا: إنّ (جرّاً) مصدر، والبصريون قَالُوا: إنّه حَال. وَهَذَا يَقْتَضِي أنّ الْفَرِيقَيْنِ تكلمُوا فِي إِعْرَاب ذَلِك، وَلَيْسَ كَذَلِك، وإنّما قَالَ أَبُو بكر: إنّ قِيَاس إعرابه على قَوَاعِد الْبَصرِيين أنْ يُقال: إِنَّه حَال، وعَلى قَوَاعِد الْكُوفِيّين أنْ يُقال: إنّه مصدر. هَذَا معنى كَلَامه، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فهمه أَبُو الْقَاسِم الزجّاجي (?) . وردَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: البصريون لَا يوجبون فِي نَحْو: (ركضاً) من قَوْلك: (جَاءَ زيدٌ ركضاً) أنْ يكون مَفْعُولا مُطلقًا بل يجيزون أَن يكون التَّقْدِير: جَاءَ زيدٌ يرْكض ركضاً. فَلذَلِك (?) يجوز على قِيَاس قَوْلهم أَن يكون التَّقْدِير: هَلُمَّ تجرّوا (?) جرّاً. انْتهى. ثمَّ قَول أبي بكر: (مَعْنَاهُ: سِيرُوا على هَيْنتكم، أَي تَثَبَّتوا (?) فِي سيركم وَلَا تجهدوا أَنفسكُم) معترض من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أنّ فِيهِ إِثْبَات معنى (?) لم يُثبتهُ لَهَا أحد: الثَّانِي: أنّ هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق على المُرَاد بِهَذَا التَّرْكِيب، فإنّه إنّما يُرَاد بِهِ اسْتِمْرَار مَا ذكر قبله من الحكم، وَلِهَذَا (?) قَالَ صَاحب (الصِّحَاح) : (وهَلُمَّ جرّاً إِلَّا الْآن) . وَقَول أبي حيّان: (مَعْنَاهُ: تعال على هينتك) عَلَيْهِ أَيْضا اعتراضان: أَحدهمَا: أنّه تَفْسِير لَا ينطبق على المُرَاد. الثَّانِي: فِي إِفْرَاده (تعال) مَعَ أنّه خطاب للْجَمَاعَة، وكأنّه توهم (تعال) اسْم فعل (?) ، وَاسم الْفِعْل لَا تلْحقهُ ضمائر الرّفْع البارزة. وَقد توهم ذَلِك بعض