إنما هو مفعول فهو علة للفعل وغرض له، فامتنع أن يقوم مقام الفاعل كما امتنع الظرف أن يقام مقام الفاعل وهو ظرف، وإنما يقام المفعول به مُقام الفاعل من حيث كان مع الفعل بمنزلة الفاعل معه.

ألا ترى أن الفعل يبنى له كما يبنى للفاعل، ويضاف المصدر إلى المفعول به كما يضاف إلى الفاعل، ويضاف المصدر إلى المفعول به ولا يذكر الفاعل، كما يضاف إلى الفاعل ولا يذكر المفعول به، وليس المفعول له هكذا ولا ما أشبهه مما لم يقم مقام الفاعل.

فلما لم يكن المفعول له في هذا كالمفعول به في هذه المناسبات وغيرها التي بينه وبين الفاعل لم يجز أن يقام المفعول له مقام الفاعل، كما جاز أن يقام المفعول به مقامه.

فإن قلت: فهلا أجزت ذلك اتساعاً كما أجزت ذلك في الظرف وإن كانت اللام معه مرادة كما لم يمتنع إرادة "في" ونحوه في الظرف أن يقام مقام الفاعل إذا اتسع فيه فحذف حرف الظرف منه وجعل كالمفعول به في تعدي الفعل إليه على حد تعديه إلى المفعول به؟

قيل: الظرف يُتسع فيه بأن ينصب نصب المفعول به، فإذا نصب نصبه أقيم مقام الفاعل كما يقام المفعول به مقامه ولا يخرج في المعنى عن أن يكون ظرفاً.

ألا ترى أنك إذا قلت "سِيرَ فرْسَخَانِ، أو سِيرَ يومُ الجمعةِ" علمت أنهما في المعنى ظرفان متسع فيهما كما أنك إذا قلت "زيدٌ ضربته" فابتدأته علم أنه في المعنى مفعول به وإن كان محدثاً عنه في اللفظ، وليس كذلك المفعول له، لأنك متى أقمته مُقامَ الفاعل خرج عن أن يكون مفعولاً له، ولم يكن عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015