في هذين البيتين للأخضر الجدِّي لحن من الثقيل الثاني بالوسطى ذكره محمد إبن عبد الزيات والهشامي.

أخبرنا الحسين بن يحيى عن حماد بن إسحق عن أبيه عن أيوب بن عبابة، ونسخت هذا الخبر بعينه من خط هرون بن عبد الملك الزيات قال: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي سعد قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثني أبو عتاب البصري عن إبراهيم بن محمد الشافعي قال: بينا إبن أبي مليكة بؤذن إذ سمع الأخضر الجدّي يغني من دار العاصي ن وائل:

وعلقتها غرَّاء ذات ذوائب ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولن تكبر البهم

قال: فأراد أن يقول حيّ على الصلاة فقال حيَّ على البهم حتى سمعه أهل مكة فغدا يعتذر إليهم.

وقال إبن الكلبي: حدثني معروف المكي والمعلي بن هلال وإسحق بن الجصاص قالوا: كان سبب عشق المجنون ليلى أنه ذات يوم على ناقة له كريمه وعليه حلتان من حلل الملوك فمر بامرأة من قومه يقال لها كريمة وعندها جماعة نسوة يتحدثن فيهن ليلى فأعجبنه جماله وكماله فدعونه إلى النزول والحديث فنزل وجعل يحدثهن وأمر عبداً له كان معه فعقر لهن ناقته وظل يحدثهن بقية يومه، فبينا هو كذلك إذ طلع عليم فتى عليه بردة من برد الأعراب يقال له منازل يسوق معزى، فلما رأينه اقبلن وتركن المجنون، فغضب وخرج من عندهن وأنشأ يقول:

أأعقر من جرّا كريمة ناقتي ... ووصلي مفروش لوصل منازل

إذا جاء قعقعن الحليّ ولم أكن ... إذا جئت صوت تلك الخلاخل

متى ما إنتظلنا بالسهام نضلته ... وإن نرمِ عشقاً عندها فهو ناضلي

قال: فلما أصبح لبس حلته وركب ناقة أخرى ومضى متعرضاً لهنّ فألفى ليلى قاعدة بفناء بيتها وقد علق حبه بقلبها وهويته وعندها جويريات يتحدثن معها، فوقف بهن وسلم فدعونه إلى النزول وقلن له: هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره فقال أي لعمري، فنزل وفعل ما فعله بالأمس فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما له عندها فجعلت تعرض عن حديثه ساعة بعد ساعة وتحدث غيره وقد كان علق بقلبه مثل حبها إياه وشغفه واستملحها.

فبينا هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي فدعته وسايرّته سراراً طويلاً ثم قالت له إنصرف، ونظرت إلى وجه المجنون وقد تغير وأنتقع لونه وشق ليه فعلها فأنشأت تقول:

كلانا مظهرٌ بغضاً ... وكلٌ عند صاحبه مكين

تبلغنا العيون بما أردنا ... وفي القلبين ثم هوى دفين

فلما سمع البيتين شهق شهقة شديدة وأغمى عليه، فمكث على ذلك ساعة ونضحوا الماء على وجهه، وتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه حتى بلغ منه كل مبلغ.

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثني هرون بن محمد بن عبد الملك قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن هشام بن محمد بن موسى المكي عن محمد بن سعيد المخزومي عن أبي الهيثم العقيلي قال: لما شهر أمر المجنون وليلى وتناشد الناس شعره فيها خطبها وبذل إليها خمسين ناقة حمراء، وخطبها ورد بن محمد العقيقلي وبذل لها عشراً من الإبل وراعيها، فقال أهلها: نحن مخيروها بينكما فمن إختارت تزوجته، ودخلوا إليها وقالوا: والله لئن لم تختاري ورداً لنمثلن بكِ.

فقال المجنون:

ألا يا ليل إن ملكت فينا ... خيارك فأنظري لمن الخيار

ولا تستبدلي مني دنياً ... ولا يوماً إذا حبّ القتار

يهوول في الصغير إذا رآه ... وتعجزه ملماتٌ كبار

فمثل تأيمٍ منه نكاحٌ ... ومثل تمول منه إفتقار

فأختارت ورداً فتزوجته على كرهٍ منها.

وأخبرني أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر قالا: حدثنا عمر بن شبة قال: ذكر الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة بن خزيم المري قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015