بلغ المجنون قبل توحشه أن زوج ليلى ذكره وعضهه وسبته وقال: أو بلغ من قدر قيس بن الملوح أن يدعي محبة ليلى وينوه بإسمها، فقال ليغيظه بذلك:

فإن كان فيكم بعل ليلى فإنني ... وذي العرش قد قبلت فاها ثمانيا

وأشهد عند الله إني رأيتها ... وعشرون منها إصبعاً من ورائيا

أليس من البلوى التي لا ثوى لها ... بأن زوجت كلباً وما بذلت ليا

- دلال ووصال -

يا ذا الذي يخطر في مشيته ... قد صففَ الشعر على جبهته

وسرح المئزُر من خلفه ... ودقق البان على وقرته

قلبي على ما كان من شفوته ... صب ٌ بمن يهوى على جفوته

يختلق السخطة لي ظالماً ... أحوج ما كنت إلى رحمته

أكلما حدّد لي موعداً ... أخلفه التنغيص من علته

أضمر في البعد عتاباً له ... فإن دنا أنسيت من هيبته

مبتلٌ تثنيه أعطافه ... أميس خلق الله في خطرته

يحار رجع الطرف في وجهه ... وصورة الشمس على صورته

مهفهفٌ ترتج أردافه ... يتيه بالحسن على جيرته

ينتسب الحسن إلى حسنه ... والطيب يحتاج إلى نكهته

وليلة قصَر في طولها ... بالكرخ إن مُتعتُ من رؤيته

في مجلس يضحك تفاحة ... بين الرياحين إلى خضرته

ما أن يرى خلوتنا ثالثٌ ... إلا الذي نشرب من خمرته

خمرته في الكأس ممزوجةٌ ... كالذهب الجاري على فضته

فتارة أشرب من يقه ... وتارة أشرب من فضلته

وكلما عضض تفاحة ... قبلت ما يفضل من عضته

حتى إذا ألقى قناع الحيا ... ودار كسر النوم في مقلته

سرت حُميا الكأس في رأسه ... وديتِ الخمرة في وجنته

فصار لا يدفع عن نفسه ... وكان لا يأذن في قبلته

دب له إبليسُ فأقتاده ... والشيخ ناعٌ على لعنته

عجبتُ من إبليس في تيهه ... وخبث ما أظهر من نبتته

تارة على آدم في سجدةٍ ... وصار قوّاداً لذريته

وله:

- دموع الفراق -

أبت عيناي بعدك أن تناما ... وكيف ينام من ضمن السقاما

بكيت من الفراق لما ألاقي ... وراجعت الصبابة والغراما

وعدت إلى العراق برغم أنفي ... وفارقت الجزيزرة والشآما

على شط الشآم وساكنيه ... سلامُ مسلم لقي الحماما

مذكرةٌ مؤنثةٌ مهاةٌ ... إذا برزت تشبهها غلاما

تعاف الماء والعسل المصفى ... وتشرب من فتوتها المداما

تقول لسيفها يا سيف أبشر ... ستُروى من دم وتُقدّ هاما

وقائلة لها من وجه نصح ... علامَ قتلتِ هذا المستهاما

فكان جوابها حُسن مسنٍ ... أأجمعُ وجه هذا الحراما

لقد ربحت تجارة كل صبٍ ... تهاديه حبيبته السلاما

وقول بشار:

يا رب إني قد عرضت بهجرها ... فإليك أشكو ذاك يا رباه

مولاة سوء تستهين بعبدها ... نعم الغلام وبئست المولاه

طل ولكني حرمت نعيمه ... ووصاله إن لم يغثني الله

يا رب إن كانت حياتي هكذا ... ضراً عليّ فما أريد حياه

الشعر والغناء لها خفيف ثقيل مطلق في مجرى الوسطى.

وقد ذكر إبن حرداذبه أن الشعر والغناء لبشار وإنه هوى جارية تغني فتعلم الغناء من أجلها وقال الشعر، ولم يزل يتوصل إليها بذلك حتى صار مقدماً بين المغنين وأن هذا الشعر له فيها والصنعة أيضاً.

أخبرني أحمد بن محمد أبو الحسن الأسدي قال: حدثني محمد بن صالح بن شيخ بن عمير عن أبيه قال: حجب طل عن علية فقالت وصحفت إسمه في أول بيت:

يا سروة البستان طال تشوقي ... فهل لي إلى ظل لديك سبيل

متى يلتقي من ليس يقضي خروجه ... وليس لمن يهوى إليه دخول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015