وفي القرآن إحدى عشرة سورة رؤوسها هكذا وللقراء فيهن مذاهب في الأداء بين التفخيم (?) والتقليل (?) والبطح (?).
وكقوله تعالى مما التسجيع فيه بالضمائر وهاء السكت:
«ما أغنى عني ماليه. هلك عني سلطانيه».
وسورة الرحمن بعد من أنصع الأمثلة على تسجيع الفواصل وإحكام الازدواج وإتقان الإيقاع وتكرار نغم بعينه للزيادة من رنين هذا الإيقاع وذلك قوله تعالى:
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
والحق أن الناظر في سورة القرآن يجد فيها ألوانًا من طرق الإيقاع الغريب الواقع. مثلاً سورتا الكهف (وقل أوحي) لهما إيقاع متشابه. وسورة الإسراء والفرقان. و «هل أتى على الإنسان حين من الدهر». فيهن إيقاع متشابه. وسورة ص وق متشابهتا الجرس والفواصل. ولنظام السجع والازدواج في كل ذلك أثر لا ينكر.
ثم طريقة سوق الآيات في السورة تتبع نظامًا من التكرار والترجيع ورد الآخر على الأول، يجعل منها كلاً ذا كينونة واضحة وجرس خاص.
ثم توشك كل سورة أن تدفع إلى الأخرى أما بتجاوب في ألفاظ ما بين أواخرها وأوائل ما يليها نحو قوله تعالى في آخر الإسراء:
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}.
وفي أول الكهف: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}. وفي آخر مريم: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)} إلخ ..