أو ثمانية متساوية، كما في البحر الطويل والبحر البسيط، أو ستة كالمتساوية، كما في البحر الوافر.

ويؤيد هذا الحدس الذي نحدسه، من أن الشعر الموزون بدأ في مشرق الجزيرة، وانتقل من بعد إلى الحجاز، ما يذكره لنا الرواة من أن أول من هلهل القصائد هو المهلهل الربعي. وما أجمعوا عليه من أن الشعر بدأ في ربيعة، وانتقل إلى اليمن، يعنون امرأ القيس، ثم انتقل إلى تميم، ثم منهم إلى قيس بالحجاز. وكلهم قد أجمعوا على أن حظ قريش من الشعر لم يكن كبيرًا (?).

ولعلك تسأل بعد، كيف انتقل الوزن من مشرق الجزيرة إلى مغربها. والجواب عن هذا ليس بعسير. فقد كانت للعرب أسواق تقام طول العام، تبدأ من دومة الجندل، ثم تنتقل إلى اليمامة والبحرين وحضرموت، ثم تصل إلى اليمن، ثم من بعد إلى الحجاز، وتوافي هناك الأشهر الحرم. وقد صور لنا أبو حيان التوحيدي، في كتابه الإمتاع والمؤانسة، صورة, لا تدع مجالا للشك في أن الاختلاط كان شديدًا بين مجموعة تميم ومجموعة الحجاز، بحيث أمكن كل واحدة منهما أن تؤثر في الأخرى تأثيرًا عظيمًا (?). وقد استدل أبو حيان من كثرة أسواق العرب وانتظامها لأكثر أصقاع الجزيرة، واتصال مواسمها، وتكررها من عام إلى عام، على أن العرب قد كانوا في باديتهم متحضرين. وهذا رأي جيد منه، ويقوي ما نحن بصدد زعمه، من أن تبادل المعارف والأساليب، كان أمرًا شائعًا بينهم، ومن طريقه كونوا لغتهم الفصحى وشعرهم الرصين (?) ويخيل إلي أن الأوزان الركائك التي استحدثها الربعيون مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015