وأنا بعد لا أجد فرقًا بين تعريفه للتفسير المذكور آنفًا، وقوله في التقسيم: إنه "استقصاء الشاعر جميع أقسام ما ابتدأ به" - اللهم إلا ما نبه عليه من أن التفسير قلما يقع في بيتٍ واحدٍ.
ومن الاصطلاحات الداخلة في هذا الباب، مما ذكره ابن رشيق، الاستطراد، والتفريع - وكل ذلك يدخل في حيز المقابلة والموازنة، وعندي أن الذي سبب للنقاد القدماء كل هذا الالتباس، خلطهم بين ناحيتي المعنى والنظم واللفظ، في منهج البحث. وقد غاب عنهم أن كل مقابلة أو توافق معنوي، أو لفظي، من الممكن إدخاله في نطاق التقسيم، إن جعل التقسيم، إن جعل التقسيم أمرًا لفظيًا معنويًا، كما جعلوه. فالحزم أن نصرفه إلى ناحية اللفظ والجرس، ليزول هذا الالتباس.
قلنا: إن التقسيم هو تجزئة الوزن إلى مواقف، يسكت عندها المرء أثناء التأدية للفظ البيت، أو يستريح قليلا، كأنه يومئ إلى السكت. فهذا التقسيم إما يكون خفيًا، وإما يكون واضحًا. فالخفي: هو ما لم يقسم الشاعر فيه الكلام إلى فقرات بينه وبين المواقف، وإنما جاء به بحيث تمكنك الاستراحة عند أجزاء منه إذا شئت.
مثال ذلك قول تأبط شرا:
إني إذا خلةٌ ضنت بنائلها، ... وأمسكت بضعيف الوصل، أحذاق (?)
نجوت منها نجائي من بجيلة، إذ ... ألقيت، ليلة خبت الرهط، أرواقي (?)