وكلتا هاتين القصيدتين مما تجد فيه طلب التعزي باللعب اللفظي، مشوبا بالرغبة في إظهار المقدرة والبراعة والتعجيز والتحدي. وقد التزم المعري فيهما أن يجيء في صدر البيت بلفظة مجانسة للقافية، مثل قوله:
توى دين في ظنه ما حرائر ... نظائر آم وكلت بتوادي (?)
وقد حمل الدكتور طه حسين كلتا هاتين القصيدتين على العبث والتسلي، وسماه عبث الأطفال الكبار وعندي أن المعري قد كان من الشياطين الكبار. وفي هاتين القصيدتين خاصة (ونظائرهما كثير) لم يخل من قصد إلى التعجيز، وإظهار المقدرة. والجناس الموهم التام، أو الشبيه بالتام هو عمدة الصناعة فيهما.
ومن قصائده اللزومية المشعرة بمجرد الترنم لطلب السلوى والعزاء نونيته التي أولها (?):
يا شائم البارق لا تشجك الـ ... ـــــــروض فما وجدك لما أببن
وقصيدته القصيرة التي يقول فيها (?):
أطربوني وما ابن سبرة في السبـ ... ـــــــــــرة إلا منية الأطربون
فعامل تداعي المعاني "والنوستالجيا" وممارسة الكتب، والعيش معها وفيها، واضح في كل هذا ونحيل القارئ بعد على كتاب مع أبي العلاء في سجنه، ففيه أمثلة كثيرة من عبث المعري في كتابه: "لزوم ما لا يلزم".