راجعت فهرس آثاري فما لمحت ... بصيرتي فيه ما يزري بأعمالي

فكيف ينكر قومي فضل بادرتي ... وقد سرت حكمي فيهم وأمثالي

أنا ابن قولي وحسبي في الفخار به ... وإن غدوت كريم العم والخال

ولي من الشعر آيات مفصلة ... تلوح في وجنة الأيام كالخال

ينسى لها الفاقد المحزون لوعته ... ويهتدي بسناها كل قوال

فأنظر لقولي تجد نفسي مصورة ... في صفحتيه فقولي خط تمثالي

ولا تغرنك في الدنيا مشاكلة ... بين الأنام فليس النبع كالضال

إن ابن آدم لولا عقله شبح ... مركب من عظام ذات أوصال

هذه الديباجة الصافية لا نظير لها في الشعر المعاصر. وقد كان البارودي بحقيقة ذلك عليمًا يدل عليه قوله:

ولا تغرنك في الدنيا مشاكلة ... بين الأنام فليس النبع كالضال

من النبع والضال تصنع القوس ولكنهما لا سواء- إذ الضال ذو شوك وثمر والنبع كما قال البحتري:

وعيرتني خلال العام آونة ... والنبع عريان ما في عوده ثمر

وقد اهتدى بسنا البارودي من بعده من القوالين جيل تبعته من بعد أجيال. غير أن نهج قصيدته الأصيل لم يسر حقًا عليه من كبار من حذوا على رونق ديباجته وقصروا عنها أحد. إنما سلكوا نهجًا دعاهم إليه التجديد- وهو نهج أسلوب المقالة، ثم تفرعت عنه فروع أصناف الشعر المعاصر وما إليه.

أسلوب المقالة: أوائله، ثانيًا

جاء في الكتاب النفيس أدب وتاريخ للدكتور محمد صبري السوربوني في ترجمته لإسماعيل صبري (ولد في 16/ 2/1854) وتوفي في 21/ 3/1923 رحمه الله) (?) في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015