اللباط أي القسيس.
سلام عليكم من عجائز أكرهت ... على أكل خنزير ولحم لجيفة
أحسب لحم الجيفة هو الثور الذي يقتل في المصارعات وإلى الآن يقول الإسبان (أوليه) تشجيعًا للمصارع. فهل كان هذا محاولة من البائسين المسلمين آنئذ أن يذكروا اسم الله على هذه البهيمة التي كان عليهم أن يأكلوا من لحمها من دون ذكاة؟
وقد أمرونا أن نسب نبينا ... ولا نذكرنه في رخاء وشدة
وقد سمعوا قومًا يغنون باسمه ... فأدركهم منه أليم المضرة (?)
وهذا البيت هو موضع استشهادنا، إذ فيه الدليل على تغني المسلمين بالمديح النبوي. هذا بعد سقوط غرناطة. فقس عليه حال بقية المسلمين بصقلية وجنوب إيطاليا بعد هلاك فردريك الثاني (1250 م) وكان به عطف ما عليهم، زعموا أنه كان من أسباب عداوة البابوية له ولأسرته حتى أبادوها. وهؤلاء المسلمون الذين كانوا يتغنون بالمدائح والأدعية وبالقرآن بلا ريب ذكرت التائية التي مرت منها الأبيات السابقة أن منهم أهل بلدة:
بجامعهم صاروا جميعًا كفحمة
ولئن صح ما نرجحه من أن دانتي تأثر بالمديح النبوي وأغلب الظن بالبوصيري لاشتهار هذا شهرة واسعة على ذلك الزمان بقصيدتيه الهمزية والبردة على وجه التخصيص (?)، فإنه يترتب على ذلك أن يكون شعراء الأشعار الدينية الإفرنج قاطبة قد تأثروا به. والمتأمل لأصناف أشعار الدينيين في الأدب الإنجليزي واجد ما يدل على ذلك، مثلًا قصيدة الأرج The Odour لجورج هربرت George Herbert (1593 - 1633 م) وهذا باب واسع. والشاهد هنا تشبيه جورج هربرت قوله: «يا سيدي» بأريج العنبر والعطور الشرقية- فهذا لقولهم: «فت مسكًا» - وتضوع طيبًا» - وفاح عرفًا