(عنى شهر الحج)، فانظر إلى رقة هذا الكلام، وتأمل كيف أورده الشاعر مورد المناجاة والهمس لا الخطابة والصياح. وأزيدك إيضاحًا: وازن بين قوله: "ما نلتقي إلخ"، وقوله في الجيمية:

نلبث حولا كاملا كله ... لا نلتقي إلا على منهج

في الحج إن حجت وماذا منى ... وأهله إن هي لم تحجج

فالمعنى كما ترى واحد. إلا أن نفس السريع في الجيمية خطابي، بينما نفس الكامل في الرائية نفس مناجاة وتلطف.

وأنشد معي هذه الأبيات للنواسي من الكامل المضمر:

كان الشباب مطية الجهل ... ومحسن الضحكات والهزل

كان الفصيح إذا نطقت به ... وخرجت أخطر صيت النعل

كان المشفع في مآربه ... عند الفتاة ومدرك النيل

والباعثي والناس قد رقدوا ... حتى أكون خليفة البعل

فالآن صرت إلى مقاربة ... وحططت عن ظهر الصبا رحلي

والكأس أهواها وإن رزأت ... بلغ المعاش وقللت فضلي

صفراء مجدها مرازبها ... جلت عن النظراء والمثل

ذخرت لآدم قبل خلقته ... فتقدمته بخطوة القبل

فأتاك شيء لا تلامسه ... إلا بحسن غريزة العقل

حتى إذا سكنت جوامحها ... كتبت بمثل أكارع النمل (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015