ثم أكثر الشعراء من هذا الفن، فتعاطاه البحتري والمتنبي وأبو العلاء جميعًا (?) ولنعد إلى كلمة المسيب ونتبعه وهو يصف رحلة الغواصين:
حتى إذا ساءت ظنونهم ... ومضى بهم شهر إلى شهر
ألفى مراسيه بتهلكة ... ثبتت مراسيها فما تجري
فانصب أسقف رأسه لبد ... نزعت رباعيتاه للصبر (?)
أشفى يمج الزيت ملتمس ... ظمآن ملتهب من الفقر
قتلت أباه فقال أتبعه ... أو استفيد رغيبة الدهر
نصف النهار الماء غامره ... ورفيقه بالغيب لا يدري
وبحسب المؤرخ الأدبي أن يظفر بمثال واحد من طراز هذا الوصف ليثبت أن العب لم يكونوا جاهلين بالبحر، ولم يكن شعرهم خاليًا من نعته، فكيف وسوى كلام المسيب هذا بأيدينا أمثلة وأمثلة من شعر الأعشى والبحرانيين والهذليين وغيرهم. هذا، وبعد أن فرغ الشاعر من صفة الغواص وأوصلنا إلى الساعة الحرجة التي يدخل فيها اليأس على قلوب الملاحين المنتظرين إياب رفيقهم، سارع إلى إعطائنا صورة أخرى - صورة الفوز والظفر والمساومة بين مالك اللؤلؤة الحريص وتاجرها المغالي:
فأصاب منيته فجاء بها ... صدفية كمضيئة الجمر
يعطى بها ثمنًا ويمنعها ... ويقول صاحبه ألا تشري (?)