دؤاد، وفي أبيات أمرئ القيس، فهو أيضًا مما يترجح عندي دخوله في رموز الخصوبة، إذ لا ريب أن السفينة قد تكون من أداة الخصب والخفص عند مقاربي البحر من العرب كأهل عمان وقريش. وصلة البحر بالخصوبة وعبادتها أمر موغل في القدم (?). وفي القرآن الكريم «وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام» (?)، والجوار ههنا جمع الجارية بمعنى السفينة- قال تعالى {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)}. ولكنك تعلم أيضًا أيها القارئ الكريم أن الجارية من أوصاف النساء وأسمائهن. والإنشاء فيه معنى التهيئة والزخرفة. وقد ذكره الله تعالى في قوله ينعت النساء:
«أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين». والتخفيف قراءة أبي عمرو والتثقيل قراءة عاصم، والمعنى واحد أو متقارب.
ولا أحسبنا نباعد أن زعمنا أن في نعت السفائن بالجوار المنشآت أشعارًا بالتأنيث لهن. هذا وقد ألغز مسلم بن الوليد بهذه العلاقة بين معنى السفينة ومعنى الجارية في بيتيه المشهورين:
وملتطم الأمواج يرمي عُبابه ... بجرجرة الآذي للعبر فالعبر
قطعت إلى معلومه منكراته ... بجارية محمولة حامل بكر
هذا، ومما نصت به الشعراء على إرادة المرأة من ذكر شجرة بعينها قول الآخر (?).
ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام