وإقدامه عليه، وكان معاصروه أشد له عيبًا منهم لكثير من أصناف الزحاف، مما يدلك على أصالة الرجل في موسيقا الشعر العربي وصدق فطرته وفنه.

تأمل مثلاً قوله:

طوى الجزيرة حتى جاءني خبر ... فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

تعثرت به في الأفواه ألسنها ... والبرد في الطرق والأقلام في الكتب

وقد جمع في قوله (تعثرت به) زحافًا خفيًا مع الاختلاس كما ترى. وهذا في قصيدة مما احتفل له وهو ناضج يعرف كيف يقول، فلا يسبقن إليك أنه قد زل (?). وقد روي أنه كان ربما أنشد «تعثرت بك» (?) فأحسبه إن فعل ذلك إنما كان يلتمس، ألا يُحرج بالسؤال من بعض من قد ينفس عليه وهذا من باب التقية اللازمة أحيانًا. وبين قوله (تعثرت به) و (تعثرت بك) بون بعيد ومكان الجودة من الأولى لا يخفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015