فإن قوله: نزل جملة واحدة، هو القول الأول، وقوله: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، هو القول الثاني، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل، قال: والقول الثاني أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، قال: وهذا قول الشعبي (?) .
قلت: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، وقد بينت ذلك في "شرح حديث المبعث" (?) ، وغيره، وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا، على ما تقدم.
وفي الكتاب "المستدرك" أيضا عن الأعمش (?) عن حسان بن حريث (?) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويرتله ترتيلا. قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (?) .