قلت: فعلى هذا القول لا يستقيم اعتراض ابن قتيبة (?) على ذلك التأويل.
وقد قال بعض الشيوخ: الواضح من ذلك أن يكون الله تعالى أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرءوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منا منه عز وجل لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان، وكان الأصل على ما عهد رسول الله [35 ظ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الألفاظ والإعراب جميعا مع اتفاق المعنى، فمن أجل ذلك جاء في القرآن ألفاظ مخالفة ألفاظ المصحف المجمع عليه، كالصوف وهو "العهن" (?) ، وزقية وهي "صيحة" (?) ، وحططنا وهي "وضعنا" (?) ، وحطب جعنم وهي "حصب" (?) ونحو ذلك، فقبض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكل رجل منهم متمسك بما أجازه له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان مخالفا لقراءة